فصل: ذِكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ عَصَبَةَ الْمَيِّتِ وَقَرَابَتَهُ أَحَقُّ بِوِلَايَتِهِ، وَغُسْلِهِ إِذَا كَانَ فِيهِمْ مَنْ يُحْسِنُ الْغُسْلَ مِنَ الْأَبَاعِدِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف



.ذِكْرُ السَّتْرِ عَلَى الْمَيِّتِ عِنْدَ غَسْلِهِ وَتَرْكِ نَزْعِ الْقَمِيصِ عَنْهُ وَقْتَ غَسْلِهِ:

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: جَاءَ الْحَدِيثُ عَنْ بُرَيْدَةَ، أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا أَخَذُوا فِي غَسْلِ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَادَاهُمْ مُنَادٍ: لَا تَنْزِعُوا عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَمِيصًا.
2930- وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُسِلَ فِي قَمِيصٍ وَفِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ صَالِحٍ، مَوْلَى التَّوْأَمَةِ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَالِحٌ يُضَعَّفُ، وَقَالَ لِي مُوسَى: ابْنُ جُرَيْحٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ صَالِحٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَغَسْلُ الْمَيِّتِ فِي قَمِيصِهِ سَتْرُهُ، وَأَحَبُّ إِلَيَّ إِنْ كَانَ فِيهِ مِنَ السَّعَةِ مَا يَتَمَكَّنُ الْغَاسِلُ مِنْ غَسْلِهِ، فَإِنْ ضَاقَ الْقَمِيصُ عَنْ أَنْ يَغْسِلَ فِيهِ، أَوْ لَمْ يَغْسِلْ فِي قَمِيصٍ، فَالَّذِي يَجِبُ أَنْ يُسْتَرَ مِنْهُ مَا كَانَ يَجِبُ سَتْرُهُ فِي حَيَاتِهِ، جَاءَ الْحَدِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ، أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ».
2931- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: ثنا بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ، أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ» وَالَّذِي يَجِبُ أَنْ يُطْرَحَ عَلَى عَوْرَةِ الْمَيِّتِ خِرْقَةٌ، وَحَسَنٌ أَنْ تَكُونَ الْخِرْقَةُ تَسْتُرُ مَا بَيْنَ سُرَّةِ الْمَيِّتِ إِلَى رُكْبَتِهِ، وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ إِذَا غَسَلَ مَيِّتًا جَلَّلَهُ بِثَوْبٍ وَكَانَ النَّخَعِيُّ يُحِبُّ أَنْ يُغَسَلَ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ سُتْرَةٌ، وَاسْتَحَبَّ ذَلِكَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَإِسْحَاقُ.

.ذِكْرُ إِبَاحَةِ تَقْبِيلِ الْمَيِّتِ:

2932- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةَ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَبَّلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَيِّتٌ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ طَاهِرٌ حَيًّا وَمَيِّتًا وَقَالَ: قَدْ أَكْرَمَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَكُونُوا أَنْجَاسًا فِي حَيَاتِهِمْ وَبَعْدَ وَفَاتِهِمْ وَقَالَ: لَوْ كَانَ الْمُؤْمِنُ نَجِسًا مَا طَهُرَ وَلَوْ غُسِلَ بِمَاءِ الدُّنْيَا، وَقَالَ: لَوْ كَانَ الْمُؤْمِنُ إِذَا مَاتَ نَجِسًا مَا جَازَ أَنْ يُقَبَّلَ النَّجِسُ.
2933- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَا تُنَجِّسُوا مَوْتَاكُمْ، فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيْسَ بِنَجَسٍ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا. وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْغُسْلِ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ: إِنْ كَانَ صَاحِبُكُمْ نَجِسًا فَاغْتَسِلُوا مِنْهُ.

.ذِكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ عَصَبَةَ الْمَيِّتِ وَقَرَابَتَهُ أَحَقُّ بِوِلَايَتِهِ، وَغُسْلِهِ إِذَا كَانَ فِيهِمْ مَنْ يُحْسِنُ الْغُسْلَ مِنَ الْأَبَاعِدِ:

2934- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ زِيَادٍ، بَسُبَلَانُ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْطٍ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ نُبَيْطِ بْنِ شُرَيْطٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: مَرِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ إِنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ فَقَالَ عُمَرُ: لَا أَسْمَعُ أَحَدًا يَقُولُ: مَاتَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا ضَرَبْتُهُ بِسَيْفِي هَذَا، فَقَالَ يَا سَالِمُ ادْعُ لَنَا صَاحِبَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلَمَّا رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ أَجْمَعْتُ أَبْكِي فَقَالَ لِي: مَا لَكَ لَعَلَّ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ؟ قُلْتُ: إِنَّ عُمَرَ يَقُولُ: كَذَا كَذَا قَالَ: فَأَخَذَ بِيَدِي أَوْ بِذِرَاعِي، ثُمَّ جَاءَ حَتَّى وَصَلَ فَقَالَ: أَوْسِعُوا لِي، فَدَخَلَ حَتَّى جَلَسَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30] الْآيَةَ، قَالُوا: يَا صَاحِبَ رَسُول اللهِ مَاتَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ فَعَلِمُوا أَنَّهُ كَمَا قَالَ، قَالُوا: نُصَلِّي عَلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: وَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْهِ؟ قَالَ: يَدْخُلُ قَوْمٌ فَيُكَبِّرُونَ، وَيُصَلُّونَ وَيَدْعُونَ، ثُمَّ يَخْرُجُونَ، وَيَدْخُلُ آخَرُونَ فَيُكَبِّرُونَ وَيَدْعُونَ وَيُصَلُّونَ، ثُمَّ يَخْرُجُونَ حَتَّى يَفْرُغَ النَّاسُ فَعَلِمُوا أَنَّهُ كَمَا قَالَ، قَالُوا: يَا صَاحِبَ رَسُول اللهِ أَيُدْفَنُ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالُوا: أَيْنَ؟ قَالَ: فِي الْمَكَانِ الَّذِي قَبَضَ اللهُ فِيهِ رُوحَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَقْبِضُ رُوحَهُ إِلَّا فِي مَكَانٍ طَيِّبٍ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ كَمَا قَالَ قَالَ: وَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ: عِنْدَكُمْ صَاحِبُكُمْ يَأْمُرُهُمْ أَنْ يَغْسِلُوهُ بَنُو أَبِيهِ.

.ذِكْرُ عَدَدِ غَسْلِ الْمَيِّتِ عَلَى مَا يَرَاهُ الْغَاسِلُ مِنْ عَدَدِ الْغَسْلِ:

2935- أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أنا مَالِكٌ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، أَنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي غَسْلِ ابْنَتَهِ: «اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا، أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ»

.ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَمَرَ بِعَدَدِ غَسْلِ الْمَيِّتِ عَلَى مَا يَرَاهُ غَاسِلُهُ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ عَدَدُ غَسْلِهِ وِتْرًا، وَعَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ وِتْرًا لَا شَفْعًا:

2936- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَهْلٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: تُوُفِّيَتِ ابْنَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ: «اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ، وَاغْسِلْنَهَا بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي»، فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ فَقَالَ: أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ، فَقَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ: ضَفَرْنَا رَأْسَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ، نَاصِيَتَهَا، وَقَرْنَيْهَا، وَأَلْقَيْنَا إِلَى خَلْفِهَا. قَالَ: وَالْحِقْوُ الْإِزَارُ.
حَدَّثَنِي عَلِيُّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: الْحِقْوُ الْإِزَارُ، وَجَمْعُهُ حِقِيُّ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَوْلُهُ: أَشْعِرْنَهَا بِهِ أَيِ اجْعَلْنَهُ شِعَارَهَا الَّذِي يَلِي جَسَدَهَا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَدُلُّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ أَقَلَّ مَا يُغْسَلُ الْمَيِّتُ ثَلَاثًا، وَعَلَى أَنَّ الْغَاسِلَ إِذَا رَأَى غُسْلَهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ أَلَّا يَغْسِلَهُ إِلَّا وِتْرًا، وَعَلَى أَنَّ الْكَافُورَ إِنَّمَا يُجْعَلُ فِي الْآخِرَةِ، لَا فِيمَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنَ السُّنَّةِ غَسْلَ الْمَيِّتِ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَيَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ تَكْفِينِ الْمَرْأَةِ فِي ثَوْبِ الرَّجُلِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَلْقَى إِلَيْهِنَّ حِقْوَهُ قَالَ: أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ، وَيَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ غَسْلِ الْمَيِّتِ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسٍ، غَيْرَ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ كَرِهَ أَنْ يُجَاوِزَ بِهِ سَبْعَ غَسَلَاتٍ، لِأَنَّ الْمَيِّتَ فِيمَا ذُكِرَ يَسْتَرْخِي إِذَا تُوبِعَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ، وَيَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ أَنْ يُضْفَرَ شَعْرُ الْمَيِّتَةِ ثَلَاثًا، نَاصِيَتَهَا وَقَرْنَيْهَا وَيُلْقَى خَلْفَهَا.

.ذِكْرُ الْبَدْءِ بِمَيَامِنِ الْمَيِّتِ وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهُ فِي الْغُسْلِ:

2937- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، أَنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي غَسْلِ ابْنَتِهِ: «ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا، وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا» وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَقُولُ: يَبْدَأُ بِمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ، ثُمَّ بِمَيَامِنِهِ، وَقَالَ أَبُو قِلَابَةَ: يَبْدَأُ بِالرَّأْسِ، ثُمَّ اللِّحْيَةِ، ثُمَّ الْمَيَامِنِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ أَقُولُ.

.ذِكْرُ تَغْطِيَةِ وَجْهِ الْمَيِّتِ عِنْدَ الْغُسْلِ:

وَاخْتَلَفُوا فِي تَغْطِيَةِ وَجْهِ الْمَيِّتِ عِنْدَ غُسْلِهِ فَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ يَرَوْنَ أَنْ يُلْقَى عَلَى وَجْهِ الْمَيِّتِ خِرْقَةً، وَكَانَ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَجَمَاعَةٌ يَرَوْنَ أَنْ يُطْرَحَ عَلَى فَرْجِ الْمَيِّتِ خِرْقَةً وَلَمْ يَذْكُرُوا الْوَجْهَ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إِنَّمَا يُغَطَّى مِنْهُ مَا كَانَ يُغَطَّى فِي حَيَاتِهِ، قَالَ أَحْمَدُ: يُغَطَّى مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتَيْهِ.

.ذِكْرُ تَرْكِ الْأَخْذِ مِنْ شَعْرِ الْمَيِّتِ وَمِنْ أَظْفَارِهِ:

وَاخْتَلَفُوا فِي أَخْذِ شَعْرِ الْمَيِّتِ وَأَظْفَارِهِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُؤْخَذُ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ كَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَبَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيُّ، وَرُوِّينَا أَنَّ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ أَخَذَ عَانَةَ مَيِّتٍ.
2938- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ، حَلَقَ عَانَةَ مَيِّتٍ.
وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهُ قَالَ: تُؤْخَذُ عَانَةُ الْمَيِّتِ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي أَظْفَارِهِ: يُقَصَّرُ إِذَا طَالَ، وَلَا يُمَسَّ غَيْرُ ذَلِكَ وَقَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ فِي الشَّعْرِ وَالظُّفُرِ: يُؤْخَذُ إِذَا كَانَ فَاحِشًا وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ ذَلِكَ كَرِهَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ أَخْذَ عَانَةِ الْمَيِّتِ، وَسُئِلَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ تَقْلِيمِ أَظْفَارِ الْمَيِّتِ؟ فَقَالَ: إِذَا كَانَ أَقْلَفَ أَتَخْتِنُهُ؟ وَكَرِهَ مَالِكٌ تَقْلِيمَ أَظَافِرِ الْمَيِّتِ، وَحَلْقَ عَانَتِهِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْوُقُوفُ عَنْ أَخْذِ ذَلِكَ أَحَبُّ إِلَيَّ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِأَخْذِ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ الْحَيُّ، فَإِذَا مَاتَ انْقَطَعَ الْأَمْرُ، وَيَصِيرُ جَمِيعُ بَدَنِهِ إِلَى الْبَلَاءِ، إِلَّا عَجْبُ الذَّنَبِ الَّذِي اسْتَثْنَاهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

.ذِكْرُ عَصْرِ بَطْنِ الْمَيِّتِ:

وَاخْتَلَفُوا فِي عَصْرِ بَطْنِ الْمَيِّتِ فَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمَالِكٌ يَقُولُونَ: يُعْصَرُ بَطْنُ الْمَيِّتِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: عَصْرًا خَفِيفًا، وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: يُمْسَحُ مَسْحًا رَقِيقًا بَعْدَ الْغَسْلَةِ الْأُولَى، قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَمُرُّ يَدَهُ عَلَى بَطْنِهِ إِمْرَارًا بَلِيغًا لِيُخْرِجَ شَيْئًا إِنْ كَانَ فِيهِ، وَقَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ: يُمْسَحُ بَطْنُهُ مَسْحًا رَقِيقًا خَرَجَ مِنْهُ شَيْئًا أَوْ لَمْ يَخْرُجْ وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ أَنَّهُ أَوْصَى أَنَّهُ لَا يُعْصَرُ بَطْنُهُ، وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُعْصَرَ بَطْنُهُ فِي الثَّانِيَةِ قَالَ: فَإِنَّهُ تَلِينُ فِي الْغَسْلَةِ الْأُولَى.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ فِي عَصْرِ الْبَطْنِ سُنَّةٌ تُتَّبَعُ، وَقَدْ رَوَاهُ مَنْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ عَنْهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَإِنْ أَمَّرَ الْغَاسِلَ يَدَيْهِ إِمْرَارًا خَفِيفًا عَلَى بَطْنِهِ لِيُخْرِجَ شَيْئًا إِنْ كَانَ هُنَاكَ فَحَسَنٌ، وَإِنْ تَرَكَ فَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ، فَلَا بَأْسَ بِهِ.

.ذِكْرُ مَضْمَضَةِ الْمَيِّتِ وَاسْتِنْشَاقِهِ:

وَاخْتَلَفُوا فِي مَضْمَضَةِ الْمَيِّتِ وَاسْتِنْشَاقِهِ، فَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ لَا يَرَوْنَ ذَلِكَ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ يَأْمُرَانِ بِهِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ لِأَنَّ فِي جُمْلَةِ مَا وَصَفَهُ عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يُوَضَّأَ الْمَيِّتُ، وَمِنْ سُنَّةِ الْحَيِّ إِذَا تَوَضَّأَ أَنْ يَتَمَضْمَضَ، وَيَسْتَنْشِقَ، فَسَبِيلُ مَا يُفْعَلُ بِالْمَيِّتِ كَسَبِيلِ مَا يَفْعَلُهُ الْحَيُّ، إِلَّا أَنْ تَمْنَعَ مِنْهُ سُنَّةٌ.

.ذِكْرُ غَسْلِ الْمَيِّتِ بِالسِّدْرِ:

ثَبَتَ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلنِّسْوَةِ اللَّوَاتِي غَسَلْنَ ابْنَتَهُ: اغْسِلْنَهَا بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ الْمُحْرِمِ الَّذِي مَاتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ» فَالسُّنَّةُ أَنْ يُغْسَلَ الْمَيِّتُ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ غُسْلًا وَلَا مَعْنَى لِطَرْحِ وَرَقَاتٍ مِنَ السِّدْرِ فِي الْمَاءِ كَفِعْلِ الْعَامَّةِ لِأَنَّ الْغُسْلَ إِنَّمَا يَقَعُ بِالسِّدْرِ الْمَضْرُوبِ بِالْمَاءِ وَقَدْ أَنْكَرَ أَحْمَدُ الْوَرَقَاتِ الَّتِي تَطْرَحُهَا الْعَامَّةُ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ أَمَرَ أَبَا مُوسَى أَنْ يَغْسِلَ دَانْيَالَ بِالسِّدْرِ، وَمَاءَ الرَّيْحَانِ، وَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ: يُغْسَلُ الْمَيِّتُ وِتْرًا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ سَبْعًا كُلُّهُنَّ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يُجْعَلُ مَكَانَ السِّدْرِ إِنْ لَمْ يَكُنْ سِدْرٌ، فَقَالَ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ: أَيُغْسَلُ رَأْسُ الْمَيِّتِ بِالْخِطْمِيِّ؟ فَقَالَتْ: لَا تُعَفِّنُوا مَيِّتَكُمْ.
2939- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ هَمَّامَ، عَنْ فَرْقَدٍ السَّبَخِيِّ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، كَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى: أَنِ اغْسِلْ دَانْيَالَ بِالسِّدْرِ وَمَاءِ الرَّيْحَانِ.
2940- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ: أَيُغْسَلُ رَأْسُ الْمَيِّتِ بِالْخِطْمِيِّ؟ فَقَالَتْ: لَا تُعَفِّنُوا مَيِّتَكُمْ. وَكَرِهَ ابْنُ سِيرِينَ أَنْ يُغْسَلَ رَأْسُ الْمَيِّتِ بِالْخِطْمِيِّ إِلَّا أَنْ لَا يَجِدُوا سِدْرًا، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: يُجْعَلُ مَكَانَ السِّدْرِ الْأُشْنَانُ، وَقَالَ مَرَّةً: وَرَقَ الْغُبَيْرَاءِ، وَرُوِّينَا عَنِ الضَّحَّاكِ أَنَّهُ قَالَ: يُجْعَلُ الرَّيْحَانُ، وَقَالَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ: يُجْعَلُ الْخَطْمِيُّ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: حُرْضٌ، أَوْ غَيْرُهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا لَمْ يُوجَدِ السِّدْرُ جُعِلَ مَكَانَهُ الْخَطْمِيُّ، وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى أَنْ يَغْسِلَهُ بِالْمَاءِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ.